حينما تتحدث الى فاطمة
الزهراء تشعر أن كلماتها ليست لها حدود .. ليست لها نهاية .. ليست لها أرض تسكنها غير قلبها الحزين.. فكلما رمت همها من الباب يعود من جديد ليدكرها بالماضي .. بالجراح اللتي لم تشفى بعد .. وبيأس يتعدد ويتلون مع كل يوم وحدة يمر عليها ..
فاطمة الزهراء تبني جملها القصيرة من ماضيها الطويل اللدي مازالت تحمله معها .. واللدي كلما ضنت أنه رحل.. غادر.. وهجرها .. إلا وإكتشفت أنه لم يرحل .. لن يرحل .. أبدا أبدا ..
تحكي فاطنة الزهراء عن 16 من ماي .. عن عيد ميلاد جرحها ..في داك اليوم جاسلها..تحدثا معا مطولا .. ثم أخبرها أنه سيخرج للعشاء مع الأصدقاء.. إبتسمت في وجهه وتمنت له وقتا ممتعا .. مرت الدقائق .. مرت الساعات .. ليأتيها الخبر.. قراصنة الموت أخدو أخاها ..أخدو وحيدها في الحياة .. أخدو ونيسها في الأيام .. اخدو ما تبقى لها من العائلة .. أخدو الماسح لدموعها .. المسكن لأحزانها .. المؤنس لوحدتها .. أخدو الأب والأم والأخ والصديق .. رحل .. نعم رحل وخيوط الحزن تسلسلت وراءه.. رحل وأصبحت الدنيا ضلاما .. رحل وتركهاللحياة وللأيام وحيدة.. رحل فأصبحت الدنيا موحشة .. والهموالرغبة في اللاحياة تركض في جوانبها ..
تسكت فاطمة الزهراء طويلا ثم تنطق بكلمات لا أفهما لكن بحس أدركه .. أشعر به .. واراه في دمعها اللدي يلمع بحزن..
تمر لحضات من الصمت ثم تتم حديتها في محاولة لخنق الألم .. لطرده .. لرميه بعيدا ..أو ربما للهروب منه ..
تعجز فاطمة الزهراء في فعل كل هدا .. تعجز عن التنصل منصورة اخاها .. تعجز عن محوا دكراه من عقلها .. تعجز عن التصديق أنها لن تناديه بعد اليوم ويجيبها بصوت مسموع لا بصوت لا روح فيه ..
أخ فاطمة الزهراء أخدته غربان الموت في مطعم – إسبانيا – بالدر البيضاءفي 16 من ماي والمصادفة أن هاد اليوم هو يوم ميلادها أيضا .. فيوم الميلاد أصبح يوم الجرح .. فكم أنتي قاسية ايتها الدنيا على ابناءك ..
يوم الميلاد مع يوم فراق الاخ .. كيف يستقيم الفرح في هدا اليوم مع الحزن في حالة سلام مستحيل .. كيف ؟؟ .. كيف ؟؟
ترفع فاطمة الزهراء رأسها في محاولة للقول أن لها القدرة على العيش وإعادة تشكيل حياتها بالوان فيها روح الأمل بالرغم من لوعةغياب الاخ اللتي تنافس حب البقاء ..
فوق الجرح يزداد جرح آخر .. فوق الالم يزداد ألم آخر .. ولكثرة الإنتضار لم تعد تنتضر فاطمة الزهراء أي أحد ..فلا أحد ستنتضره بعد اليوم .. لا أحد سيطرق بابها .. لا أحد سيسألها عن حالها .. لا أحد ستهرب إليه حينما يشتد خوفها .. يشتد حزنها .. وتشتد رغبتها في الصراخ .. في البكاء .. في الإشتياق ... فقط ستنتضر الليل والنهار ليتعاقبا .. فقط لا غير ..
كنت أسمع لفاطمة ..كما كنت قرات لها رسائل كثيرة وصلتني على بريدي .. كلها تشكل حيطان من سجن الحزن اللدي سكنت فيه .. كنت كلما إلتقيت بها أحاول أن اواسيها في عزلتها في دموعها في حزنها وفي فقيدها .. لكن كيف تواسي شابة فقدت روح الحياةوبدات تحس بالغربة .. كيف تواسي شابة للتو بدأت تعرف الفرح والحزن والسعادة والألم .. للتو بدأت تشكل حياتها لينهار كل شىء في لحضة حياتية يصعب أن تتجاوزها هكدا ..
تتغير كلمات فاطمة الزهراء وتصبح شاحبة .. تم تسكت لعل الغضب يموت ....
إحتراما لآلامها إرتأيت أن نتوقفثم نسأل هدا السؤال لما ؟؟ لما كل هدا ؟؟ لما تزرعون الألم في قلوبالاحفاد .. الأبناء .. الامهات .. الآباء .. لما كل هدا ؟؟ لما القتل المبرمج.. لما سفك الدماء .. لما تيتيم الناس ..؟؟ لما يا قراصنة الموت لما ..؟؟ فلا قوانين وضعية ولا قوانين شرعية تبيح هدا فلما ..؟؟